• بريطانيا ستخسر مئات مليارات الجنيهات إذا انسحبت من الاتحاد الأوروبي

    16/03/2014

    ​استبعاد خروج رؤوس أموال العرب بسبب طبيعة استثماراتهم
     بريطانيا ستخسر مئات مليارات الجنيهات إذا انسحبت من الاتحاد الأوروبي 
     

    ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني يتحدث مع خوسيه مانويل باروسو رئيس المفوضية الأوروبية في بروكسل.
     
     
     

    هل تنسحب الاستثمارات العربية من بريطانيا؟ وهل يخسر الاقتصاد البريطاني مئات مليارات الجنيهات الاسترلينية وآلاف الوظائف جراء هذا الانسحاب؟ أم أن العرب وخاصة رؤوس الأموال الخليجية ستظل كما هي في بريطانيا دون تأثير؟
    أسئلة يطرحها بعض كبار رجال الأعمال والاقتصاديين بل والسياسيين البريطانيين والدوليين بشأن مصير رؤوس الأموال الأجنبية والاستثمارات الدولية في بريطانيا إذا ما انسحبت من الاتحاد الأوروبي.
    جورج سورس الملياردير الدولي كان آخر تلك الأصوات المحذرة من مخاطر هذ الانسحاب، معتبرا أن هروب الشركات الدولية من بريطانيا سيكون حقيقة واقعة إذا ما صوت الناخب البريطاني للخروج من الاتحاد الأوروبي.
    سوروس الذي حقق بضربة واحدة أرباحا قدرها مليار جنيه استرليني من خلال المضاربة على الاسترليني فيما يعرف بالأربعاء الأسود عام 1992، وأجبر حكومة جون ميجور رئيس الوزراء البريطاني الأسبق على الانسحاب من آلية سعر الصرف الأوروبية، اعتبر أن بريطانيا بوضعها الراهن مع الاتحاد الأوروبي تحقق أكبر فائدة ممكنة، فهي عضو في الاتحاد وتحصل على جميع الفوائد والمزايا من عضويتها، وفي ذات الوقت تحافظ على عملتها الوطنية الاسترليني فلا تتحمل الصعوبات التي تتحملها منطقة اليورو، ومن ثم فإن الانسحاب من الاتحاد يعني خسائر بالمليارات وارتفاعا في معدلات البطالة. وقال لـ "الاقتصادية" منصور حسن المحلل المالي العربي في لندن "إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكون له تداعيات اقتصادية متعددة، وفي مقدمتها انسحاب عديد من الاستثمارات الدولية الراهنة، وتراجع الاستثمارات الدولية سواء القادمة من القارة الأوروبية أو من الأسواق الآسيوية، لكن رؤوس الأموال العربية لن تنسحب في الأغلب.
    وأضاف حسن أن "عدم انسحاب رؤوس الأموال العربية يعود إلى طبيعة هذه الاستثمارات، فعند تحليل الخريطة التفصيلية للاستثمارات العربية في بريطانيا سنجد أن القاسم المشترك فيها مرتبط ببريطانيا فقط، وليس كحلقة وصل بين الاقتصاد البريطاني واقتصادات الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أن أغلب الاستثمارات العربية سواء للدول أو الأفراد هي ملكيات عقارية، فشقق وعقارات الأفراد وناطحات السحاب ومباني الدول لن تتأثر في قيمتها بانسحاب أو بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، أما النوع الثاني من الاستثمارات العربية فيتركز في المشاريع الثنائية وهذا أيضا ليس فيه دخل أو ترابط مع الاتحاد الأوروبي".
    وربما تبدو وجهة النظر تلك متفقة نسبيا مع ما صرح به جورج سوروس إذ قال "أترك الأمر لرجال الأعمال البريطانيين خاصة رجال الأعمال الدوليين الذين ينشئون مصانع في بريطانيا كنقطة دخول إلى السوق المشتركة للاتحاد الأوروبي ليوضحوا للعامة ماذا ستخسر بريطانيا إذا انسحبوا من الاتحاد الأوروبي".
    ومع هذا فإن الدكتور وليم روجر أستاذ التجارة الدولية يعتقد أن الاستثمارات العربية في بريطانيا قد تتأثر أيضا إذا انسحبت لندن من عضوية الاتحاد ولكن بدرجة أقل من استثمارات بلدان ومجموعات دولية، ويضيف لـ "الاقتصادية"، أن "تركز الاستثمارات العربية في بريطانيا في مجالات مثل الأصول العقارية أو الاستثمارات البنكية يجعل من الصعب توقع انسحابها من الأسواق البريطانية إذا ما خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكن علينا أن ندرك أنه إذا نجم عن هذا الخروج تراجع في الوزن النسبي للاقتصاد البريطاني، أو هزة اقتصادية خاصة إذا نجحت الأصوات المتشددة في فرنسا وألمانيا في تمرير موقفها بضرورة معاقبة بريطانيا اقتصاديا إذا ما انسحبت من الاتحاد حتى لا ينفرط عقده، فإن رؤوس الأموال العربية لربما تجد أنه من غير المجدي لها من حيث معدلات الربحية أن تواصل استثماراتها في بريطانيا".
    وأشار روجر إلى أن الحديث عن مستقبل الاستثمارات العربية في بريطانيا يرتبط أكثر بالمشهد الاقتصادي الناجم عن نتيجة تصويت الناخب البريطاني على بقاء أو انسحاب لندن من الاتحاد.
    ويأتي الجدل حول البقاء أو الانسحاب من عضوية الاتحاد الأوروبي في أعقاب تصريحات أيد مليباند رئيس حزب العمال المعارض بأن حزبه لن يمضي قدما في الاستفتاء المقرر في 2017 إذ فاز بالانتخابات البرلمانية المزمع عقدها العام المقبل.
    ومع هذا فإن بعض الاقتصاديين المدافعين عن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعتقد أن الاستثمارات العربية في المملكة المتحدة لن تنسحب منها، بل على العكس من ذلك فإنها ستتعزز من حيث القيمة الإجمالية وستزداد تنوعا. أحد المؤيدين فكرة الانسحاب من عضوية الاتحاد الأوروبي وهي الدكتورة ليزا رايت المستشارة السابقة في صندوق النقد الدولي تقول لـ "الاقتصادية"، "إنها تعتقد أن مستقبل الاستثمارات العربية في بريطانيا سيكون أفضل في حالة خروج لندن من الاتحاد الأوروبي، فإحدى المشكلات الرئيسية التي تعيق الاستثمار في بريطانيا هي القوانين الصادرة من بروكسل دون أن تأخذ الواقع الاقتصادي البريطاني في الحسبان، وخروج لندن من الاتحاد سيجعلنا نتخلص من جميع تلك القيود البيروقراطية للتكتل الأوروبي، وهذا سيشجع الاستثمارات الدولية والعربية".
    وأضافت رايت أن "جذب الاستثمارات العربية لبريطانيا لا يرتبط بعضويتها في الاتحاد الأوروبي وإنما يرتبط في الأساس بمعدلات الربحية والعائد المحقق من هذا الاستثمار، وأغلب التوقعات أن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيمنح لندن مرونة اقتصادية مفقودة حاليا، يمكن في حالة استعادتها رفع معدلات النمو التي تعد العامل الرئيسي في جذب الاستثمارات".
     

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية